للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والثاني: أنه يجوز، وهو المنصوص عن أحمد، واختيار أكثر أصحابه؛ كالقاضي، وابن عقيل، والشيخ عبد القادر.

واحتجوا بما روي عن علي أنه قال لعمر: صلى الله عليك.

واحتج الأولون بقول ابن عباس: لا أعلم الصلاة تنبغي من أحد على أحد إلا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وهذا الذي قاله ابن عباس قاله لما ظهرت الشيعة، وصارت تظهر الصلاة على علي دون غيره، فهذا مكروه منهي عنه، كما قال ابن عباس.

وأما ما نقل عن علي؛ فإذا لم يكن على وجه الغلو وجعل ذلك شعاراً لغير الرسول، فهذا نوع من الدعاء، وليس في الكتاب والسُّنَّة ما يمنع منه، وقد قال تعالى: {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ}، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " إن الملائكة تصلي على أحدكم ما دام في مصلاه الذي صلى فيه ما لم يحدث "، وفي حديث قبض الروح: "صلى الله عليكِ، وعلى جسد كنتِ تعمرينه ".

ولا نزاع بين العلماء أن النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي على غيره، كقوله: "اللَّهُمَّ صل على آل أبي أوفى" وأنه يصلى على غيره تبعاً له، كقوله: "اللَّهُمَّ صل على محمد وعلى آل محمد"، والله أعلم".

قلت: نعم؛ قد ثبت المنع عن ابن عباس موقوفاً عليه، وثبت أيضاً خلافه عن غيره من الصحابة، لا سيما أحد الخلفاء الراشدين:

أ- فقد روى سفيان بن عيينة: حدثنا جعفر [هو: ابن محمد الصادق: صدوق فقيه إمام]، عن أبيه [محمد بن علي بن الحسين الباقر: ثقة]، عن جابر بن عبد الله، قال: دخل علي بن أبي طالب على عمر وهو مسجى، فقال: صلى الله عليك، ما من الناس أحد أحب إليَّ من أن ألقى الله بما في صحيفته من هذا المسجى عليه.

أخرجه هكذا متصلاً بإسناد صحيح إلى علي بن أبي طالب: ابن شبة في تاريخ المدينة (٣/ ٩٣٧)، ويعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ (٢/ ٧٤٥)، والبلاذري في أنساب الأشراف (١٠/ ٤٤٣)، وابن أبي الدنيا في المتمنين (٨٨)، والعقيلي في الضعفاء (٢/ ١٧٩)، والحاكم (٣/ ٩٣) (٦/ ٦٩/ ٤٥٧٣ - ط الميمان)، وأبو نعيم في فضائل الخلفاء الراشدين (٢٠٦)، والخطيب في الجامع لأخلاق الراوي (٢/ ١٠٦/ ١٣١٤)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (٤٤/ ٤٥٢)، وأخرجه أيضاً: ابن سعد في الطبقات (٣/ ٢٨٢)، لكن أبهم من بينه وبين سفيان. [الإتحاف (١١/ ٣٠٨/ ١٤٠٧٣)].

وانظر بعض الاختلاف الوارد في إسناد هذا الأثر ومتنه: ما أخرجه ابن سعد في الطبقات (٣/ ٢٨٢ و ٢٨٣)، وابن أبي شيبة (٦/ ٣٥٩/ ٣٢٠١٨)، وابن شبة في تاريخ المدينة (٣/ ٩٣٨ و ٩٤٢)، وعبد الله بن أحمد في زياداته على المسند (١/ ١٠٩/ ٨٦٦ و ٨٦٧) , وفي فضائل الصحابة (٣٤٥ - ٣٤٨ و ٤٧٦ و ٦٥٢)، والبلاذري في أنساب الأشراف (١٠/ ٤٢٩ و ٤٤٤)، وأبو عوانة (١٨/ ٤١٩/ ١٠٥٤٦)، وأبو نعيم في الإمامة (٦٨)، وفي فضائل

<<  <  ج: ص:  >  >>