وهذا إسناد صحيح متصل، لا مطعن فيه، وعكرمة بن عمار، إنما تكلم في روايته عن يحيى بن أبي كثير خاصة، فإن روايته عنه مضطربة، وهو ثقة في غيره، وإن كان ثمة شيء أخطأ فيه في هذه الرواية فإنما هو جعله الرادة على أم سليم: عائشة - رضي الله عنها -، والمحفوظ من حديث أنس أنها: أم سلمة، لا سيما وفي رواية الأوزاعي ما يرجح ذلك لقوله عن أم سليم: وكانت مجاورة أم سلمة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - فكانت تدخل عليها.
فإن قيل بأن عكرمة بن عمار لم يسمع من إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة هذا الحديث [مع كونه قد صرح بالسماع منه في أحاديث أخرى. انظر مثلًا: صحيح مسلم (٢٨٥ و ٢٥٠٧ و ٢٦٠٣ و ٢٧٤٧)] وعكرمة موصوف بالتدليس فلعله دلسه، حيث قال: قال إسحاق.
فيقال: لم يظهر من طرق الحديث أنه دلس هذا الحديث عن إسحاق، ثم هو قد صرح بالسماع في بعض طرق هذا الحديث بعينه، كما عند أبي عوانة في صحيحه:"قال: ثنا إسحاق"، فانتفت شبهة تدليسه.
• لكن أبا حاتم والدارقطني ذهبا إلى خلاف ما ذهب إليه مسلم، فقد رجحا رواية الجماعة المرسلة على رواية عكرمة بن عمار الموصولة:
قال أبو حاتم في العلل (١/ ٦٢/ ١٦٣): "إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أم سليم: مرسل، وعكرمة بن عمار روى عن إسحاق عن أنس: أن أم سليم، وحديث الأوزاعي: أشبه مرسل من الموصَّل" كذا في نسخة التيمورية، وفي نسخة دار الكتب المصرية:"أشبه مرسل من الموصول".
قال ابن عبد الهادي في شرح العلل ص (٢١٠): "وحديث الأوزاعي أشبه مرسل من الموصل، كذا قال، والصواب أن يقال: أشبه من الموصول، وحديث الأوزاعي عن إسحاق: لم يخرجه أحد من الأئمة السنة، وحديث عكرمة: انفرد به مسلم عن الجماعة، والله أعلم".
كذلك فقد ذهب الدارقطني في العلل (١٢/ ٩/ ٢٣٤٢) إلى ترجيح الرواية المرسلة على الموصولة، فقال:"والمرسل أشبه بالصواب".
وبناء على ما تقدم، فإن حديث:"هن شقائق الرجال" يعنى: النساء: محفوظ من حديث الأوزاعي عن إسحاق عن جدته أم سليم مرفوعًا، وفي سنده انقطاع، وهو منكر من حديث العمري.
• ولحديث أنس طرق أخرى، منها ما رواه:
١ - سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة: أن أنس بن مالك حدثهم: أن أم سليم حدثت: أنها سألت نبي الله - صلى الله عليه وسلم -[كذا في رواية عن يزيد بن زريع، وعبدة بن سليمان، وجاء عنهما أيضًا، وعن عبد الأعلى، وابن أبي عدي، ويزيد بن هارون، ومحمد بن جعفر، ومحمد بن بكر: سبعتهم عن سعيد، عن قتادة، عن أنس: أن أمه أم سليم سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، كذا