للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد مثله، ولست أعرف الارتفاق بمعنى الاجتماع في كلام العرب، وإنما الارتفاق: افتعال، إما من المرفق، وإما من الرفق.

القول في تأويل قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلا (٣٠) }

يقول تعالى ذكره: إن الذين صدقوا الله ورسوله، وعملوا بطاعة الله، وانتهوا إلى أمره ونهيه، إنا لا نضيع ثواب من أحسن عملا فأطاع الله، واتبع أمره ونهيه، بل نجازيه بطاعته وعمله الحسن جنات عدن تجري من تحتها الأنهار.

فإن قال قائل: وأين خَبَر "إن" الأولى؟ قيل: جائز أن يكون خبرها قوله: (إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلا) فيكون معنى الكلام:

إنا لا نضيع أجر من عمل صالحا، فترك الكلام الأوّل، واعتمد على الثاني بنية التكرير، كما قيل: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ) بمعنى: عن قتال فيه على التكرير، وكما قال الشاعر:

إنَّ الخَلِيفَةَ إنَّ اللهَ سَرْبَلَهُ ... سِرْبالَ مُلْك بِهِ تُرْجَى الخَواتِيمُ (١)

ويروى: تُرْخَى، وجائز أن يكون: (إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا) جزاء، فيكون معنى الكلام: إن من عمل صالحا فإنا لا نضيع أجره، فتضمر الفاء في قوله "إنا"، وجائز أن يكون خبرها: أولئك لهم جنات عدن، فيكون معنى الكلام: إن


(١) في (اللسان: سربل) السربال: القميص والدرع. وفي حديث عثمان: " لا أخلع سربالا سربلنيه الله " كنى به عن الخلافة. واستشهد به المؤلف على أن التكرار في قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ..... الآية، له نظير في قول الشاعر: " إن الخليفة إن الله سربله. . . " البيت. وقد بين وجهي الإعراب في المكرر. والبيت من شواهد الفراء في (معاني القرآن: الورقة ١٨٥ من مصورة الجامعة) قال: خبر الذين آمنوا في قوله: إنا لا نضيع وهو مثل قول الشاعر: إن الخليفة. . . البيت، فإنه في المعنى: إنا لا نضيع أجر من عمل صالحا. فترك الكلام الأول، واعتمد على الثاني، بنية التكرير. كما قال: " يسئلونك عن الشهر الحرام "، ثم قال: قتال فيه " يريد: عن قتال فيه، بالتكرير ويكون أن تجعل " إن الذين آمنوا وعملوا " في مذهب جزاء، كقولك: إن من عمل صالحا فإنا لا نضيع أجره، فتضمر الفاء في قوله " فإنا "، وإلقاؤها جائز، وهو أحب الوجوه إلي.

<<  <  ج: ص:  >  >>