للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أن يؤمن بحقيقة ما جاء من الله. (١)

٩٩٨٩ - حدثني يحيى بن أبي طالب قال، حدثنا يزيد قال، أخبرنا جويبر، عن الضحاك قوله:"أفلا يتدبرون القرآن"، قال:"يتدبرون"، النظر فيه.

* * *

القول في تأويل قوله: {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ}

قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله:"وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به"، وإذا جاء هذه الطائفة المبيّتة غير الذي يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم="أمرٌ من الأمن"، فالهاء والميم في قوله:"وإذا جاءهم"، من ذكر الطائفة المبيتة= يقول جل ثناؤه: وإذا جاءهم خبرٌ عن سريةٍ للمسلمين غازية بأنهم قد أمِنوا من عدوهم بغلبتهم إياهم="أو الخوف"، يقول: أو تخوّفهم من عدوهم بإصابة عدوهم منهم="أذاعوا به"، يقول: أفشوه وبثّوه في الناس قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقبل مأتَى سرايا رسول الله صلى الله عليه وسلم (٢) = و"الهاء" في قوله:"أذاعوا به"، من ذكر"الأمر". وتأويله أذاعوا بالأمر من الأمن أو الخوف الذي جاءهم.

* * *

يقال منه:"أذاع فلان بهذا الخبر، وأذاعه"، ومنه قول أبي الأسود:

أَذَاعَ بِهِ فِي النَّاسِ حَتَّى كَأَنَّهُ ... بِعَلْيَاءَ نَارٌ أُوقِدَتْ بِثَقُوبِ (٣)


(١) في المطبوعة: "بحقية ما جاء من الله"، وأثبت ما في المخطوطة.
(٢) في المطبوعة: "وقبل أمراء سرايا رسول الله" وفي المخطوطة: "وقبل أمانا" وجر مع الميم شبه الراء، فاختلطت الكلمة، ورجحت صواب قراءتها ما أثبت.
(٣) ديوانه (في نفائس المخطوطات: ٢) : ٤٤، والأغاني ١٢: ٣٠٥، مجاز القرآن لأبي عبيدة ١: ١٣٣، اللسان (ذيع) ، من أبيات قالها أبو الأسود الدؤلي لما خطب امرأة من عبد القيس يقال لها أسماء بنت زياد، فأسر أمرها إلى صديق له، فحدث الصديق ابن عم لها كان يخطبها، فمشى ابن عمها إلى أهلها وسألهم أن يمنعوها من نكاحه، ففعلوا، وضاروها حتى تزوجت ابن عمها، فقال أبو الأسود: أَمِنْتُ امْرءَا فِي السَّرِّ لَمْ يَكُ حَازِمًا ... ولكِنَّهُ فِي النُّصْحِ غَيْرُ مُرِيبِ
أَذَاعَ بِهِ فِي النَّاسِ، حَتَّى كأنَّهُ ... بِعَلْيَاءَ نَارٌ أُوقِدَتْ بِثُقوبِ
وَكُنْتَ مَتَى لَمْ تَرْعَ سِرَّكَ تَلْتَبِسْ ... قَوَارِعُهُ مِنْ مُخْطِئٍ وَمُصِيبِ
فَمَا كُلُّ ذِي نُصْحٍ بِمُؤْتِيكَ نُصْحَهُ ... وَمَا كُلُّ مُؤْتٍ نُصْحَهُ بِلَبِيبِ
وَلكِنْ إِذَا مَا اسْتُجْمِعَا عِنْدَ وَاحِدٍ، ... فَحُقَّ لهُ مِنْ طَاعَةٍ بِنَصِيبِ
وهي أبيات حسان كما ترى، و"الثقوب": ما أثقبت به النار، أي أوقدتها.

<<  <  ج: ص:  >  >>