يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: وهل أتاك يا محمد نبأ الخصم وقيل: إنه عني بالخصم في هذا الموضع ملكان، وخرج في لفظ الواحد، لأنه مصدر مثل الزور والسفر، لا يثنى ولا يجمع; ومنه قول لبيد:
وقوله (إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ) يقول: دخلوا عليه من غير باب المحراب; والمحراب مقدّم كل مجلس وبيت وأشرفه.
وقوله (إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُدَ) فكرّر إذ مرّتين وكان بعض أهل العربية يقول في ذلك: قد يكون معناهما كالواحد، كقولك: ضربتك إذ دخلت عليّ إذ اجترأت، فيكون الدخول هو الاجتراء، ويكون أن تجعل إحداهما على مذهب لما، فكأنه قال: إذ تسوّروا المحراب لما دخلوا، قال: وإن شئت جعلت لما في الأول، فإذا كان لما أولا أو آخرا، فهي بعد صاحبتها، كما تقول: أعطيته لما سألني، فالسؤال قبل الإعطاء في تقدّمه وتأخره.
وقوله (فَفَزِعَ مِنْهُمْ) يقول القائل: وما كان وجه فزعه منهما وهما خصمان، فإن فزعه منهما كان لدخولهما عليه من غير الباب الذي كان المدخل
(١) البيت للبيد (مجاز القرآن لأبي عبيدة، الورقة ٢١٣ - ب) . قال:" نبأ الخصم": يقع على الواحد والجمع. قال لبيد:" وخصم ... " البيت. والذحول: جمع ذحل، وهو الثأر. والقروم جمع قرم، وهو الفحل العظيم من الإبل. وغياري: جمع غيران. والأزهر: الأبيض والمصعب: الشديد القوي الذي يودع من الركوب والعمل، للفحلة. (اللسان: صعب. أهـ شبه الخصوم الأقوياء بالفحول من الإبل.