للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

به أيها القوم، وأنهاكم عنه، إلا ما ينزله إليّ ربي، ويأمرني به (١) = (إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم) ، يقول: إني أخشى من الله إن خالفت أمره، وغيَّرت أحكام كتابه، وبدّلت وَحيه، فعصيته بذلك، عذابَ يوم عظيمٍ هَوْلُه، وذلك: يوم تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتَضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى. (٢)

* * *

القول في تأويل قوله تعالى: {قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلا أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْلِهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ (١٦) }

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه، معرِّفَه الحجةَ على هؤلاء المشركين الذين قالوا له: (ائت بقرآن غير هذا أو بدله) = (قل) لهم، يا محمد = (لو شاء الله ما تلوته عليكم) ، أي: ما تلوت هذا القرآن عليكم، أيها الناس، بأن كان لا ينزله عليَّ فيأمرني بتلاوته عليكم (٣) = (ولا أدراكم به) ، يقول: ولا أعلمكم به= (فقد لبثت فيكم عمرًا من قبله) يقول: فقد مكثت فيكم أربعين سنة من قبل أن أتلوَه عليكم، ومن قبل أن يوحيه إليّ ربي = (أفلا تعقلون) ، أني لو كنت منتحلا ما ليس لي من القول، كنت قد انتحلته في أيّام شبابي وحَداثتي، وقبل الوقت الذي تلوته عليكم؟ فقد كان لي اليوم، لو لم يوح إليّ وأومر بتلاوته عليكم، مندوحةٌ عن معاداتكم، ومتّسَعٌ، في الحال التي كنت بها


(١) انظر تفسير " الوحي " فيما سلف من فهارس اللغة (وحي) .
(٢) هذا تضمين لآية سورة الحج: ٢.
(٣) انظر تفسير " تلا " فيما سلف ص: ٤٠، رقم: ١.

<<  <  ج: ص:  >  >>