يقول تعالى ذكره:(وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ)(الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ) فقال: (وَمَا بَيْنَهُمَا) وقد ذكر السماوات والأرض، والسماوات جماع، لأنه وجه ذلك إلى الصنفين والشيئين، كما قال القطامي:
يريد: وحبال تغلب فثنى، والحبال جمع، لأنه أراد الشيئين والنوعين.
وقوله:(فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ) قيل: كان ابتداء ذلك يوم الأحد، والفراغ يوم الجمعة (ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ) يقول: ثم استوى على العرش الرحمن وعلا عليه، وذلك يوم السبت فيما قيل. وقوله:(فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا) يقول: فاسأل يا محمد خبيرا بالرحمن، خبيرا بخلقه، فإنه خالق كلّ شيء، ولا يخفى عليه ما خلق.
وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، قوله:(فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا) قال: يقول لمحمد صلى الله عليه وسلم: إذا أخبرتك شيئا، فاعلم أنه كما أخبرتك، أنا الخبير، والخبير في قوله:(فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا) منصوب على الحال من الهاء التي في قوله به.
القول في تأويل قوله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا
(١) البيت للقطامي، وقد سبق الكلام عنه مفصلا، والشاهد فيه هنا: أن الشاعر قال: "تباينتا" بالتثنية، مع أن حبال جمع حبل. والمسوغ لذلك: أن حبال قيس جماعة، وحبال تغلب جماعة أخرى، فعاملهما في إعادة الضمير عليهما معاملة المفردين، ومثله في القرآن: {الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما} لأنه وجه ذلك إلى الصفتين.