للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يقول تعالى ذكره: (فَلَمَّا جَاوَزَا) موسى وفتاه مجمع البحرين، (قال) موسى (لفتاه) يوشع (آتِنَا غَدَاءَنَا) يقول: جئنا بغدائنا وأعطناه، وقال: آتنا غداءنا، كما يقال: أتى الغداء وأتيته، مثل ذهب وأذهبته، (لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا) يقول: لقد لقينا من سفرنا هذا عناء وتعبا، وقال ذلك موسى، فيما ذُكر، بعد ما جاوز الصخرة، حين ألقي عليه الجوع ليتذكر الحوت، ويرجع إلى موضع مطلبه.

القول في تأويل قوله تعالى: {قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا (٦٣) }

يقول تعالى ذكره: قال فتى موسى لموسى حين قال له: آتنا غداءنا لنطعم: أرأيت إذا أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت هنالك (وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلا الشَّيْطَانُ) يقول: وما أنساني الحوت إلا الشيطان (أَنْ أَذْكُرَهُ) فأن في موضع نصب ردّا على الحوت، لأن معنى الكلام: وما أنساني أن أذكر الحوت إلا الشيطان سبق الحوت إلى الفعل، وردّ عليه قوله (أَنْ أَذْكُرَهُ) وقد ذكر أن ذلك في مصحف عبد الله: وما أنسانيه أن أذكره إلا الشيطان.

حدثني بذلك بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، حدثني العباس بن الوليد قال: سمعت محمد بن معقل، يحدّث عن أبيه، أن الصخرة التي أوى إليها موسى هي الصخرة التي دون نهر الذئب (١) على الطريق (وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا) يعجب منه.

كما حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: (فِي الْبَحْرِ عَجَبًا) قال: موسى يعجب من أثر الحوت في البحر ودوراته التي غاب فيها، فوجد عندها خضرا.


(١) في (عرائس المجالس للثعلبي المفسر، طبعة الحلبي ص ٢١٨) : دون نهر الزيت.

<<  <  ج: ص:  >  >>