للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القول في تأويل قوله: {أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ (١٧٣) }

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: شهدنا عليكم أيها المقرُّون بأن الله ربكم، كيلا تقولوا يوم القيامة: "إنا كنا عن هذا غافلين"، إنا كنا لا نعلم ذلك، وكنا في غفلة منه = أو تقولوا: (إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم) ، اتبعنا منهاجهم = (أفتهلكنا) ، بإشراك من أشرك من أبائنا، واتباعنا منهاجَهم على جهل منا بالحق؟ ويعني بقوله: (بما فعل المبطلون) ، بما فعل الذين أبطلوا في دَعواهم إلهًا غير الله.

* * *

واختلفت القرأة في قراءة ذلك. فقرأ بعض المكيين والبصريين: "أَنْ يَقُولُوا" بالياء، بمعنى: شهدنا لئلا يقولوا، على وجه الخبر عن الغَيَب.

* * *

وقرأ ذلك عامة قرأة أهل المدينة والكوفة: (أَنْ تَقُولُوا) ، بالتاء على وجه الخطابِ من الشهود للمشهود عليهم.

* * *

قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك، أنهما قراءتان صحيحتا المعنى، متَّفقتَا التأويل، وإن اختلفت ألفاظهما، لأن العرب تفعل ذلك في الحكاية، كما قال الله: (لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ) و (لَيُبَيِّنُنَّهُ) [سورة آل عمران: ١٨٧] ، وقد بينا نظائر ذلك فيما مضى بما أغنى عن إعادته. (١)


(١) انظر ما سلف في فهارس مباحث العربية والنحو وغيرهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>