قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: شهدنا عليكم أيها المقرُّون بأن الله ربكم، كيلا تقولوا يوم القيامة:"إنا كنا عن هذا غافلين"، إنا كنا لا نعلم ذلك، وكنا في غفلة منه = أو تقولوا:(إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم) ، اتبعنا منهاجهم = (أفتهلكنا) ، بإشراك من أشرك من أبائنا، واتباعنا منهاجَهم على جهل منا بالحق؟ ويعني بقوله:(بما فعل المبطلون) ، بما فعل الذين أبطلوا في دَعواهم إلهًا غير الله.
* * *
واختلفت القرأة في قراءة ذلك. فقرأ بعض المكيين والبصريين:"أَنْ يَقُولُوا" بالياء، بمعنى: شهدنا لئلا يقولوا، على وجه الخبر عن الغَيَب.
* * *
وقرأ ذلك عامة قرأة أهل المدينة والكوفة:(أَنْ تَقُولُوا) ، بالتاء على وجه الخطابِ من الشهود للمشهود عليهم.
* * *
قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك، أنهما قراءتان صحيحتا المعنى، متَّفقتَا التأويل، وإن اختلفت ألفاظهما، لأن العرب تفعل ذلك في الحكاية، كما قال الله:(لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ) و (لَيُبَيِّنُنَّهُ)[سورة آل عمران: ١٨٧] ، وقد بينا نظائر ذلك فيما مضى بما أغنى عن إعادته. (١)
(١) انظر ما سلف في فهارس مباحث العربية والنحو وغيرهما.