للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله: (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا) قال: أذن لهم في قتالهم بعد ما عفا عنهم عشر سنين. وقرأ: (الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ) وقال: هؤلاء المؤمنون.

حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول، في قوله: (الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ) . (١)

وقال آخرون: بل عني بهذه الآية قوم بأعيانهم كانوا خرجوا من دار الحرب يريدون الهجرة، فمنعوا من ذلك.

*ذكر من قال ذلك:- حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى- وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قول الله: (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا) قال: أناس مؤمنون خرجوا مهاجرين من مكة إلى المدينة، فكانوا يمنعون، فأذن الله للمؤمنين بقتال الكفار، فقاتلوهم.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، عن مجاهد، في قوله: (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا) قال: ناس من المؤمنين خرجوا مهاجرين من مكة إلى المدينة، وكانوا يمنعون، فأدركهم الكفار، فأذن للمؤمنين بقتال الكفار فقاتلوهم. قال ابن جُرَيج: يقول: أوّل قتال أذن الله به للمؤمنين.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قَتادة: في حرف ابن مسعود: "أُذِنَ للَّذِينَ يُقاتَلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ" قال قَتادة: وهي أوّل آية نزلت في القتال، فأذن لهم أن يقاتلوا.

حدثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، عن معمر، عن قتادة، في قوله: (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا) قال: هي أوّل آية أنزلت في القتال، فأذن لهم أن يقاتلوا. وقد كان بعضهم يزعم أن الله إنما قال: أذن للذين يقاتلون بالقتال من أجل أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، كانوا استأذنوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في قتل الكفار إذا آذوهم واشتدّوا عليهم بمكة قبل الهجرة غيلة سرّا; فأنزل الله في ذلك: (إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ) فَلَمَّا هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى المدينة، أطلق لهم قتلهم وقتالهم، فقال: (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا) . وهذا قول ذُكر عن الضحاك بن مزاحم من وجه غير ثبت.

وقوله: (وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ) يقول جل ثناؤه: وإن الله على نصر المؤمنين الذين يقاتلون في سبيل الله لقادر، وقد نصرهم فأعزّهم ورفعهم وأهلك عدوّهم وأذلهم بأيديهم.

القول في تأويل قوله تعالى: {الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (٤٠) }

يقول تعالى ذكره: أذن للذين يقاتلون (الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ) فالذين الثانية ردّ على الذين الأولى. وعنى بالمخرجين من دورهم: المؤمنين الذين أخرجهم كفار قريش من مكة. وكان إخراجهم إياهم من دورهم وتعذيبهم بعضهم على الإيمان بالله ورسوله، وسبهم بعضهم بألسنتهم ووعيدهم إياهم، حتى اضطرّوهم إلى الخروج عنهم. وكان فعلهم ذلك بهم بغير حقّ، لأنهم كانوا على باطل والمؤمنون على الحقّ، فلذلك قال جل ثناؤه: (الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ


(١) لعله اختصره إن لم يكن سقط منه شيء من الناسخ، والأصل: هم والنبي وأصحابه، أو نحو ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>