يقول تعالى ذكره مخبرا عن موسى أنه سأل ربه أن يشدد أزره بأخيه هارون. وإنما يعني بقوله (اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي) قوْ ظهري، وأعني به، يقال منه: قد أزر فلان فلانا: إذا أعانه وشدّ ظهره.
وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله (اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي) يقول: أشدد به ظهري.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله (اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي) يقول: اشدد به أمري، وقوّني به، فإن لي به قوّة.
وقوله (وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي) يقول: واجعله نبيا مثل ما جعلتني نبيا، وأرسله معي إلى فرعون
(كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا) يقول: كي نعظمك بالتسبيح لك كثيرا (وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا) فنحمدك (إِنَّكَ كُنْتَ بِنَا بَصِيرًا) يقول: إنك كنت ذا بصر بنا لا يخفى عليك من أفعالنا شيء.
وذُكر عن عبد الله بن أبي إسحاق أنه كان يقرأ:(أشْدُد بِهِ أزْرِي) بفتح الألف من أشدد (وأُشْرِكْهُ فِي أَمْرِي) بضم الألف من أشركه، بمعنى الخبر من موسى عن نفسه، أنه يفعل ذلك، لا على وجه الدعاء، وإذا قرئ ذلك كذلك جزم أشدد وأشرك على الجزاء، أو جواب الدعاء، وذلك قراءة لا أرى القراءة بها، وإن كان لها وجه مفهوم، لخلافها قراءة الحجة التي لا يجوز خلافها.
القول في تأويل قوله تعالى: {قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى (٣٦) وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرَى (٣٧) }