الذي هو به من السماء لمعزولون، فكيف يستطيعون أن يتنزلوا به.
وبنحو الذي قلنا في تأويل ذلك، قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، في قوله:(وَمَا تَنزلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ) قال: هذا القرآن. وفي قوله (إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ) قال: عن سمع السماء.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني أبو سفيان، عن معمر، عن قتادة، بنحوه، إلا أنه قال: عن سمع القرآن.
والقرّاء مجمعة على قراءة (وَمَا تَنزلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ) بالتاء ورفع النون، لأنها نون أصلية، واحدهم شيطان، كما واحد البساتين بستان. وذُكر عن الحسن أنه كان يقرأ ذلك:"وَمَا تَنزلَتْ بِهِ الشَّيَاطُونَ"بالواو، وذلك لحن، وينبغي أن يكون ذلك إن كان صحيحا عنه، أن يكون توهم أن ذلك نظير المسلمين والمؤمنين، وذلك بعيد من هذا.
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم:(فَلا تَدْعُ) يا محمد (مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ) أي لا تعبد معه معبودا غيره (فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ) فينزل بك من العذاب ما نزل بهؤلاء الذين خالفوا أمرنا وعبدوا غيرنا. وقوله:(وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأقْرَبِينَ) يقول جلّ ثناؤه لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: وأنذر عشيرتك من قومك الأقربين إليك قرابة، وحذّرهم من عذابنا أن ينزل بهم بكفرهم.
وذُكر أن هذه الآية لما نزلت، بدأ ببني جده عبد المطلب وولده، فحذّرهم وأنذرهم.