للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال: (إلى ربهم) ، ومعناه: وأخبتوا لربهم. وذلك أن العرب تضع "اللام" موضع "إلى" و"إلى" موضع "اللام" كثيًرا، كما قال تعالى: (بأن ربك أوحى لها) ، [سورة الزلزلة: ٥] بمعنى: أوحى إليها. وقد يجوز أن يكون قيل ذلك كذلك، لأنهم وصفوا بأنهم عمدوا بإخباتهم إلى الله.

* * *

وقوله: (أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون) ، يقول: هؤلاء الذين هذه صفتهم، هم سكان الجنة الذين لا يخرجون عنها ولا يموتون فيها، ولكنهم فيها لابثُون إلى غير نهاية. (١)

* * *

القول في تأويل قوله تعالى: {مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالأَعْمَى وَالأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلا أَفَلا تَذَكَّرُونَ (٢٤) }

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: مثل فريقي الكفر والإيمان كمثل الأعمى الذي لا يرى بعينه شيئًا، والأصم الذي لا يسمع شيئًا، فكذلك فريق الكفر لا يبصر الحق فيتبعه ويعمل به، لشغله بكفره بالله، وغلبة خذلان الله عليه، لا يسمع داعي الله إلى الرشاد، فيجيبه إلى الهدى فيهتدي به، فهو مقيمٌ في ضلالته، يتردَّد في حيرته. والسميع والبصير فذلك فريق الإيمان، (٢) أبصر حجج الله، وأقر بما دلت عليه من توحيد الله، والبراءة من الآلهة والأنداد، ونبوة الأنبياء عليهم السلام، وسمعَ داعي الله فأجابه وعمل بطاعة الله، كما:

١٨١٠٢- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا حجاج، عن ابن جريج قال، قال ابن عباس: (مثل الفريقين كالأعمى والأصم والبصير


(١) انظر تفسير " أصحاب الجنة " و " الخلود " في فهارس اللغة (صحب) ، (خلد) .
(٢) في المخطوطة والمطبوعة: " فكذلك فريق الإيمان "، وكأن الصواب ما اثبت.

<<  <  ج: ص:  >  >>