للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[القول في تأويل الاستعاذة]

تأويل قوله: {أَعُوذُ} .

قال أبو جعفر: والاستعاذة: الاستجارة. وتأويل قول القائل: {أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} أستجيرُ بالله - دون غيره من سائر خلقه - من الشيطان أن يضرَّني في ديني، أو يصدَّني عن حق يلزَمُني لرَبي.

تأويل قوله: {مِنَ الشَّيْطَانِ}

قال أبو جعفر: والشيطان، في كلام العرب: كل متمرِّد من الجن والإنس والدوابِّ وكل شيء. وكذلك قال ربّنا جل ثناؤه: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإنْسِ وَالْجِنِّ} [سورة الأنعام: ١١٢] ، فجعل من الإنس شياطينَ، مثلَ الذي جعل من الجنّ.

وقال عمر بن الخطاب رحمة الله عليه، وركب بِرذَوْنًا فجعل يتبختر به، فجعل يضربه فلا يزداد إلا تبخترًا، فنزل عنه، وقال: ما حملتموني إلا على شيطانٍ! ما نزلت عنهُ حتى أنكرت نَفسي.

١٣٦- حدثنا بذلك يونس بن عبد الأعلى، قال: أنبأنا ابن وهب، قال: أخبرني هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عمر (١) .

قال أبو جعفر: وإنما سُمي المتمرِّد من كل شيء شيطانًا، لمفارقة أخلاقه وأفعاله أخلاقَ سائر جنسه وأفعاله، وبُعدِه من الخير. وقد قيل: إنه أخذ من


(١) الأثر: ١٣٦ نقله ابن كثير في التفسير ١: ٣٢ من رواية ابن وهب، بهذا الإسناد. وقال "إسناده صحيح". وذكر الطبري في التاريخ ٤: ١٦٠ نحو معناه بسياق آخر، بدون إسناد.

<<  <  ج: ص:  >  >>