الأنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي) قال: كانت لهم جنات وأنهار ماء.
وقوله:(أَفَلا تُبْصِرُونَ) يقول: أفلا تبصرون أيها القوم ما أنا فيه من النعيم والخير، وما فيه موسى من الفقر وعيّ اللسان، افتخر بملكه مصر عدوّ الله، وما قد مكَّن له من الدنيا استدراجا من الله له، وحسب أن الذي هو فيه من ذلك ناله بيده وحوله، وأن موسى إنما لم يصل إلى الذي يصفه، فنسبه من أجل ذلك إلى المهانة محتجًا على جهلة قومه بأن موسى عليه السلام لو كان محقًا فيما يأتي به من الآيات والعبر، ولم يكن ذلك سحرا، لأكسب نفسه من الملك والنعمة، مثل الذي هو فيه من ذلك جهلا بالله واغترارًا منه بإملائه إياه.
يقوله تعالى ذكره مخبرًا عن قيل فرعون لقومه بعد احتجاجه عليهم بملكه وسلطانه، وبيان لسانه وتمام خلقه، وفضل ما بينه وبين موسى بالصفات التي وصف بها نفسه وموسى: أنا خير أيها القوم، وصفتي هذه الصفة التي وصفت لكم (أم هذا الذي هو مهين) لا شيء له من الملك والأموال مع العلة التي في جسده، والآفة التي بلسانه، فلا يكاد من أجلها يبين كلامه؟.
وقد اختُلف في معنى قوله:(أمْ) في هذا الموضع، فقال بعضهم: معناها: بل أنا خير، وقالوا. ذلك خير، لا استفهام.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد: قال: ثنا أحمد قال: ثنا أسباط، عن السديّ، قوله:(أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ) قال: بل أنا خير من هذا.