خيلهم وولدت نساؤهم الغلمان، اطمأنوا وقالوا: هذا دين صدق، وإن تأخر عنهم الرزق، وأزلقت خيولهم، وولدت نساؤهم البنات، قالوا: هذا دين سَوْء، فانقلبوا على وجوههم.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله (ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة) قال: هذا المنافق، إن صلحت له دنياه أقام على العبادة، وإن فسدت عليه دنياه وتغيرت انقلب، ولا يقيم على العبادة إلا لما صَلَح من دنياه. وإذا أصابته شدّة أو فتنة أو اختبار أو ضيق، ترك دينه ورجع إلى الكفر.
وقوله (خَسِرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةَ) يقوله: غَبِن هذا الذي وصف جلّ ثناؤه صفته دنياه، لأنه لم يظفر بحاجته منها بما كان من عبادته الله على الشك، ووضع في تجارته فلم يربح والآخرة: يقول: وخسر الآخرة، فإنه معذّب فيها بنار الله الموقدة. وقوله (ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ) يقول: وخسارته الدنيا والآخرة هي الخسران: يعني الهلاك المبين: يقول: يبين لمن فكّر فيه وتدبره أنه قد خسر الدنيا والآخرة.
واختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته قراء الأمصار جميعا غير حميد الأعرج (خَسِرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةَ) على وجه المضيّ. وقرأه حميد الأعرج (خاسِرًا) نصبا على الحال على مثال فاعل.
القول في تأويل قوله تعالى: {يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُ وَمَا لا يَنْفَعُهُ ذَلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ (١٢) }
يقول تعالى ذكره: وإن أصابت هذا الذي يعبد الله على حرف فتنة، ارتدّ عن دين الله، يدعو من دون الله آلهة لا تضرّه إن لم يعبدها في الدنيا ولا تنفعه في الآخرة إن عبدها (ذَلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ) يقول: ارتداده ذلك داعيا من دون الله هذه الآلهة هو الأخذ على غير استقامة، والذهاب عن دين الله ذهابا بعيدا.