للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

* * *

فأما ما قال قتادة من أن ذلك النساء، فقولٌ لا معنى له. لأن العرب لا تجمع النساء إذا لم يكن معهن رجال، بالياء والنون، ولا بالواو والنون. ولو كان معنيًّا بذلك النساء لقيل: "فاقعدوا مع الخوالف"، أو "مع الخالفات". ولكن معناه ما قلنا، من أنه أريد به: فاقعدوا مع مرضى الرِّجال وأهل زَمانتهم، والضعفاء منهم، والنساء. وإذا اجتمع الرجال والنساء في الخبر، فإن العرب تغلب الذكور على الإناث، ولذلك قيل: (فاقعدوا مع الخالفين) ، والمعنى ما ذكرنا.

* * *

ولو وُجِّه معنى ذلك إلى: فاقعدوا مع أهل الفساد، من قولهم: "خَلَف الرجال عن أهله يخْلُف خُلُوفًا، إذا فسد، ومن قولهم: "هو خَلْف سَوْءٍ" = كان مذهبًا. وأصله إذا أريد به هذا المعنى، من قولهم: "خَلَف اللبن يَخْلُفُ خُلُوفا"، إذا خبث من طول وضعه في السِّقاء حتى يفسد، ومن قولهم: "خَلَف فم الصائم"، إذا تغيرت ريحه. (١)

* * *

القول في تأويل قوله: {وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ (٨٤) }

قال أبو جعفر: يقول جل ثناؤه لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: ولا تصلِّ، يا محمد، على أحد مات من هؤلاء المنافقين الذين تخلفوا عن الخروج معك أبدًا = (ولا تقم على قبره) ، يقول: ولا تتولَّ دفنه وتقبيره. (٢)


(١) انظر تفسير " خلف " فيما سلف: ١٣: ٢٠٩، ٢١٠.
(٢) في المطبوعة: " وتقبره "، غير ما في المخطوطة. و " التقبير " بمعنى: الدفن، من ألفاظ قدماء الفقهاء. وقد سلف استخدام أبي جعفر هذه اللفظة، وتعليقي عليها فيما سلف ٩: ٣٨٧، تعليق: ١.

<<  <  ج: ص:  >  >>