كما حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله (وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ) قال: لو شاء لهداكم أجمعين لقصد السبيل، الذي هو الحقّ، وقرأ (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لآمَنَ مَنْ فِي الأرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا) الآية، وقرأ (وَلَوْ شِئْنَا لآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا) ... الآية.
القول في تأويل قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنزلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ (١٠) }
يقول تعالى ذكره: والذي أنعم عليكم هذه النعم، وخلق لكم الأنعام والخيل وسائر البهائم لمنافعكم ومصالحكم، هو الربّ الذي أنزل من السماء ماء، يعني: مطرا لكم من ذلك الماء، شراب تشربونه، ومنه شراب أشجاركم، وحياة غروسكم ونباتها (فِيهِ تُسِيمُونَ) يقول: في الشجر الذي ينبت من الماء الذي أنزل من السماء تسيمون، ترعون، يقال منه: أسام فلان إبله يسيمها إسامة، إذا أرعاها، وسومها أيضا يسومها، وسامت هي: إذ رعت، فهي تسوم، وهي إبل سائمة ومن ذلك قيل للمواشي المطلقة في الفلاة وغيرها للرعي، سائمة. وقد وجَّه بعضهم معنى السوم في البيع إلى أنه من هذا، وأنه ذهاب كلّ واحد من المتبايعين فيما ينبغي له من زيادة ثمن ونقصانه، كما تذهب سوائم المواشي حيث شاءت من مراعيها، ومنه قول الأعشى:
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن النضْر بن عربي، عن عكرمة (وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ) قال: ترعون.
(١) البيت للأعشى بن ثعلبة: ميمون بن قيس (ديوانه طبع القاهرة بشرح الدكتور محمد حسين ص ٢١٣) من قصيدة له قالها بنجران يتشوق إلى قومه مفتخرًا بهم. والرواية فيه " إلى الرزحى " بدل " إلى المرعى " يقول: هزل الإبل الجوع، فسقطت على الأرض من الإعياء، ومشى الناس إليها، يضعون الأعمدة تحت بطونها، ليعينوها على الوقوف. وأعيا الراعي أن يجد المراعي لاستحكام الجدب. والرزحى: الإبل، تهزل، فلا تستطيع المشي، فتسقط، وهي جمع رازح يضعون العماد تحت بطونها، ثم يرفعونها والميم: اسم فاعل من آسام الماشية: أرعاها في المرعى. وقال أبو عبيدة، في مجاز القرآن: (١: ٣٥٧) يقال: أسمت إبلي، وسامت هي: أي رعيتها.