القول في تأويل قوله تعالى: {وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلا (٣٥) }
يقول تعالى ذكره:(وَ) قضى أن (أوْفُوا الكَيْلَ) للناس (إِذَا كِلْتُمْ) لهم حقوقهم قِبَلَكم، ولا تبخَسُوهم (وَزِنُوا بالقِسْطاس المُسْتَقِيمِ) يقول:
وقَضَى أن زنوا أيضا إذا وزنتم لهم بالميزان المستقيم، وهو العدل الذي لا اعوجاج فيه، ولا دَغَل، ولا خديعة.
وقد اختلف أهل التأويل في معنى القسطاس، فقال بعضهم: هو القبان.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا صفوان بن عيسى، قال: ثنا الحسن بن ذكوان، عن الحسن (وَزِنُوا بالقِسْطاسِ المُسْتَقِيمِ) قال: القَبَّان.
وقال آخرون: هو العدل بالرومية.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا عليّ بن سهل، قال: ثنا حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد: القِسطاس: العدل بالرومية.
وقال آخرون: هو الميزان صغر أو كبر؛ وفيه لغتان: القِسطاس بكسر القاف، والقُسطاس بضمها، مثل القِرطاس والقُرطاس؛ وبالكسر يقرأ عامَّة قرّاء أهل الكوفة، وبالضمّ يقرأ عامه قرّاء أهل المدينة والبصرة، وقد قرأ به أيضا بعض قرّاء الكوفيين، وبأيتهما قرأ القارئ فمصيب، لأنهما لغتان مشهورتان، وقراءتان مستفيضتان في قرّاء الأمصار.
وقوله (ذلكَ خَيْرٌ) يقول: إيفاؤكم أيها الناس من تكيلون له الكيل، ووزنكم بالعدل لمن توفون له (خَيْرٌ لَكُمْ) من بخسكم إياهم ذلك، وظلمكموهم فيه. وقوله (وأحْسَنُ تَأْوِيلا) يقول: وأحسن مردودا عليكم وأولى إليه فيه فعلكم ذلك، لأن الله تبارك وتعالى يرضى بذلك عليكم، فيُحسن لكم عليه الجزاء.