القول في تأويل قوله تعالى: {أَمْ أَمِنْتُمْ أَنْ يُعِيدَكُمْ فِيهِ تَارَةً أُخْرَى فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفًا مِنَ الرِّيحِ فَيُغْرِقَكُمْ بِمَا كَفَرْتُمْ ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعًا (٦٩) }
يقول تعالى ذكره: أم أمنتم أيها القوم من ربكم، وقد كفرتم به بعد إنعامه عليكم، النعمة التي قد علمتم أن يعيدكم في البحر تارة أخرى: يقول: مرّة أخرى، والهاء التي في قوله "فيه" من ذكر البحر.
كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (أَنْ يُعِيدَكُمْ فِيهِ تَارَةً أُخْرَى) : أي في البحر مرّة أخرى (فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفًا مِنَ الرِّيحِ) وهي التي تقصف ما مرّت به فتحطمه وتدقه، من قولهم: قصف فلان ظهر فلان: إذا كسره (فَيُغْرِقَكُمْ بِمَا كَفَرْتُمْ) يقول: فيغرقكم الله بهذه الريح القاصف بما كفرتم، يقول: بكفركم به (ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعًا) يقول: ثم لا تجدوا لكم علينا تابعا يتبعنا بما فعلنا بكم، ولا ثائرا يثأرنا بإهلاكنا إياكم، وقيل: تبيعا في موضع التابع، كما قيل: عليم في موضع عالم. والعرب تقول لكل طالب بدم أو دين
(١) البيتان للأخطل (ديوانه طبع بيروت سنة ١٨٩١) من قصيدة يهجوا بها جريرا، ويفتخر على قيس. والعشار: جمع عشراء من الإبل، وهي التي قد أتى عليها عشرة أشهر وهي حامل. وتروحت: أي ذهبت في الرواح وهو المشي إلى حظائرها. والرئال: جمع رأل، وهو ولد النعامة. والهدج: عدو متقارب. وتكبهن: تسقطهن، يريد تكبهن الريح وهي هابة شمالا. والحاصب: ما تناثر من دقاق الثلج. والضمير في ترمي: راجع إلى ريح الشمال. والعضاه: كل شجر له شوك، أو كل شجرة واسعة الظل، كثيرة الأفنان، واحدته: عضة. والجفال: ما تراكم من الثلج وتراكب. وهذا الشاهد في معنى الذي قبله.