للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القول في تأويل قوله تعالى: {ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ وَلا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُومًا مَدْحُورًا (٣٩) }

يقول تعالى ذكره: هذا الذي بيَّنا لك يا محمد من الأخلاق الجميلة التي أمرناك بجميلها، ونهيناك عن قبيحها (مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ) يقول: من الحكمة التي أوحيناها إليك في كتابنا هذا.

كما حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله (ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ) قال: القرآن.

وقد بيَّنا معنى الحكمة فيما مضى من كتابنا هذا، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع.

(وَلا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُومًا مَدْحُورًا) يقول: ولا تجعل مع الله شريكا في عبادتك، فتُلقى في جهنم ملوما تلومك نفسك وعارفوك من الناس (مَدْحُورًا) يقول:

مُبْعَدا مقصيا في النار، ولكن أخلص العبادة لله الواحد القهَّار، فتنجو من عذابه.

وبنحو الذي قلنا في قوله (مَلُومًا مًدْحُورًا) قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني علي بن داود، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، في قوله (مَلُومًا مَدْحُورًا) يقول: مطرودا.

حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة (مَلُومًا مَدْحُورًا) قال: ملوما في عبادة الله، مدحورا في النار.

القول في تأويل قوله تعالى: {أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلائِكَةِ إِنَاثًا إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلا عَظِيمًا (٤٠) }

يقول تعالى ذكره للذين قالوا من مشركي العرب: الملائكة بنات الله (أفأصْفاكُمْ) أيها الناس (رَبُّكُمْ بالبَنينَ) يقول: أفخصكم ربكم بالذكور من

<<  <  ج: ص:  >  >>