ميسره، عن سعيد بن جبير، قال: قال ابن عباس، في قوله (وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا) قال: حفظا بصلاح أبيهما، وما ذكر منهما صلاح.
حدثنا أبو كريب، قال: ثنا سفيان، عن مسعر، عن عبد الملك بن ميسرة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، بمثله.
وقوله:(وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي) يقول: وما فعلت يا موسى جميع الذي رأيتني فعلته عن رأيي، ومن تلقاء نفسي، وإنما فعلته عن أمر الله إياي به.
كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثا سعيد، عن قتادة (وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي) : كان عبدا مأمورا، فمضى لأمر الله.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق:(وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي) ما رأيت أجمع ما فعلته عن نفسي.
وقوله:(ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا) يقول: هذا الذي ذكرت لك من الأسباب التي من أجلها فعلت الأفعال التي استنكرتها مني، تأويل: يقول: ما تئول إليه وترجع الأفعال التي لم تسطع على ترك مسألتك إياي عنها، وإنكارك لها صبرا.
وهذه القصص التي أخبر الله عزّ وجلّ نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم بها عن موسى وصاحبه، تأديب منه له، وتقدّم إليه بترك الإستعجال بعقوبة المشركين الذين كذّبوه واستهزءوا به وبكتابه، وإعلام منه له أن أفعاله بهم وإن جرت فيما ترى الأعين بما قد يجري مثله أحيانا لأوليائه، فإن تأويله صائر بهم إلى أحوال أعدائه فيها، كما كانت أفعال صاحب موسى واقعة بخلاف الصحة في الظاهر عند موسى، إذ لم يكن عالما بعواقبها، وهي ماضية على الصحة في الحقيقة وآئلة إلى الصواب في العاقبة، ينبئ عن صحة ذلك قوله:(وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُمْ بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُالْعَذَابَ بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلا) . ثم عقب ذلك بقصة موسى وصاحبه، يعلم نبيه أن تركه جلّ جلاله تعجيل العذاب لهؤلاء المشركين، بغير نظر منه لهم، وإن كان ذلك فيما يحسب من لا علم له بما الله مدبر فيهم نظرا منه لهم، لأن تأويل ذلك صائر إلى هلاكهم وبوارهم بالسيف في الدنيا واستحقاقهم من الله في الآخرة الخزي الدائم.
القول في تأويل قوله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا (٨٣) }