يقول تعالى ذكره: كما رغبنا أهل الإيمان في صالحات الأعمال، بوعدناهم ما وعدناهم، كذلك حذرنا بالوعيد أهل الكفر بالمقام على معاصينا، وكفرهم بآياتنا فأنزلنا هذا القرآن عربيا، إذ كانوا عَرَبا (وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ) فبيناه: يقول: وخوّفناهم فيه بضروب من الوعيد (لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) يقول: كي يتقونا، بتصريفنا ما صرّفنا فيه من الوعيد (أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا) يقول: أو يحدث لهم هذا القرآن تذكرة، فيعتبرون ويتعظون بفعلنا بالأمم التي كذبت الرسل قبلها، وينزجرون عما هم عليه مقيمون من الكفر بالله.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (وَكَذَلِكَ أَنزلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) ما حذروا به من أمر الله وعقابه، ووقائعه بالأمم قبلهم (أو يحدث لهم) القرآن (ذِكْرًا) : أي جدّا وورعا.
حدثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، في قوله (أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا) قال: جدا وورعا، وقد قال بعضهم في (أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا) أن معناه: أو يحدثُ لهم شرفا، بإيمانهم به.