للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القول في تأويل قوله تعالى: {مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنزلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ}

قال أبو جعفر: يعني بقوله: (ما يود) ، ما يحب، أي: ليس يحب كثير من أهل الكتاب. يقال منه:"ود فلان كذا يوده ودا وودا ومودة".

* * *

وأما"المشركين" (١) فإنهم في موضع خفض بالعطف على"أهل الكتاب". ومعنى الكلام: ما يحب الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم.

* * *

وأما (أن) في قوله: (أن ينزل) فنصب بقوله: (يود) . وقد دللنا على وجه دخول"من" في قوله: (من خير) وما أشبه ذلك من الكلام الذي يكون في أوله جحد، فيما مضى، فأغنى ذلك عن إعادته في هذا الموضع. (٢)

* * *

فتأويل الكلام: ما يحب الكافرون من أهل الكتاب ولا المشركين بالله من عبدة الأوثان، أن ينزل عليكم من الخير الذي كان عند الله فنزله عليكم. (٣) فتمنى المشركون وكفرة أهل الكتاب أن لا ينزل الله عليهم الفرقان وما أوحاه إلى محمد صلى الله عليه وسلم من حكمه وآياته، وإنما أحبت اليهود وأتباعهم من المشركين ذلك، حسدا وبغيا منهم على المؤمنين.

وفي هذه الآية دلالة بينة على أن الله تبارك وتعالى نهى المؤمنين عن الركون إلى أعدائهم من أهل الكتاب والمشركين، والاستماع من قولهم، وقبول شيء مما يأتونهم به على وجه النصيحة لهم منهم، بإطلاعه جل ثناؤه إياهم على ما يستبطنه لهم أهل الكتاب والمشركون من الضغن والحسد، وإن أظهروا بألسنتهم خلاف ما هم مستبطنون.

* * *


(١) في المطبوعة: "وأما المشركون"، والصواب ما أثبت.
(٢) انظر ما سلف في هذا الجزء ٢: ١٢٦، ١٢٧، وكان ينبغي أن يذكره في تفسير الآية: ١٠٢ أو يحيل كما أحال هنا.
(٣) كان في المطبوعة: "الذي كان عند الله ينزله عليهم"، ولا يستقيم الكلام إلا كما أثبتنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>