القول في تأويل قوله تعالى {وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (٩٥) }
قال أبو جعفر: وهذا خبر من الله جل ثناؤه عن اليهود وكراهتهم الموت، وامتناعهم عن الإجابة إلى ما دعوا إليه من تمني الموت، لعلمهم بأنهم إن فعلوا ذلك فالوعيد بهم نازل، والموت بهم حال؛ ولمعرفتهم بمحمد صلى الله عليه وسلم أنه رسول من الله إليهم مرسل، وهم به مكذبون، وأنه لم يخبرهم خبرا إلا كان حقا كما أخبر. فهم يحذرون أن يتمنوا الموت، خوفا أن يحل بهم عقاب الله بما كسبت أيديهم من الذنوب، كالذي:-
١٥٧٨ - حدثني محمد بن حميد قال، حدثنا سلمة قال، حدثني محمد بن إسحاق قال، حدثني محمد بن أبي محمد فيما يروي أبو جعفر، عن سعيد بن جبير، أو عكرمة، عن ابن عباس:(قل إن كانت لكم الدار الآخرة) الآية، أي: ادعوا بالموت على أي الفريقين أكذب. فأبوا ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم. يقول الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم:(ولن يتمنوه أبدا بما قدمت أيديهم) ، أي: لعلمهم بما عندهم من العلم بك، والكفر بذلك. (١)
١٥٧٩ - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا عثمان بن سعيد قال، حدثنا بشر بن عمارة، عن أبي روق، عن الضحاك، عن ابن عباس:(ولن يتمنوه أبدا) ، يقول: يا محمد، ولن يتمنوه أبدا، لأنهم يعلمون أنهم كاذبون. ولو كانوا صادقين لتمنوه ورغبوا في التعجيل إلى كرامتي، فليس يتمنونه أبدا بما قدمت أيديهم.
١٥٨٠ - حدثني القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن
(١) الأثر: ١٥٧٨ - مضى في رقم: ١٥٧١، وهنا تمامه. وفي سيرة ابن هشام ١: ١٩١"أكذب عند الله". وفي المطبوعة: "وقالوا ذلك على رسول الله. . " وهو خطأ، صوابه ما في سيرة ابن هشام. وفي المطبوعة: "أي لعلمهم بما عندهم. . " والذي أثبته هو نص ابن هشام.