العبادة، وأفردوه بالطاعة، ولا تشركوا به شيئا (رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ) يعني بذلك: مالك العرش العظيم الذي كل عرش، وإن عظم، فدونه، لا يُشبهه عرش ملكة سبأ ولا غيره.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد; في قوله: (أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ) إلى قوله (لا إِلَهَ إِلا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ) هذا كله كلام الهدهد.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق بنحوه.
يقول تعالى ذكره:(قَالَ) سليمان للهدهد: (سَنَنظُرُ) فيما اعتذرت به من العذر، واحتججت به من الحجة لغيبتك عنا، وفيما جئتنا به من الخير (أَصَدَقْتَ) في ذلك كله (أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ) فيه (اذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهِ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ)
فاختلف أهل التأويل في تأويل ذلك; فقال بعضهم: معناه: اذهب بكتابي هذا، فألقه إليهم، فانظر ماذا يَرْجِعونَ، ثم تول عنهم منصرفا إليّ، فقال: هو من المؤخَّر الذي معناه التقديم.
*ذكر من قال ذلك:
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد: فأجابه سليمان، يعني أجاب الهدهد لما فرغ:(سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ اذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهِ إِلَيْهِمْ) وانظر ماذا يرجعون، ثم تول عنهم منصرفا إلي. وقال: وكانت لها كوّة مستقبلة الشمس، ساعة تطلع الشمس تطلع فيها فتسجد لها، فجاء الهدهد حتى وقع فيها فسدها، واستبطأت الشمس، فقامت تنظر، فرمى بالصحيفة إليها من تحت جناحه، وطار حتى قامت تنظر الشمس.
قال أبو جعفر: فهذا القول من قول ابن زيد يدلّ على أن الهدهد تولى إلى سليمان راجعا بعد إلقائه الكتاب، وأن نظره إلى المرأة ما الذي ترجع وتفعل كان قبل إلقائه كتاب سليمان إليها.