للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

* * *

القول في تأويل قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلا رِجَالا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا أَفَلا تَعْقِلُونَ (١٠٩) }

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: وما أرسلنا، يا محمد، من قبلك إلا رجالا لا نساءً ولا ملائكة = (نوحي إليهم) آياتنا، بالدعاء إلى طاعتنا وإفراد العبادة لنا = (من أهل القرى) ، يعني: من أهل الأمصار، دون أهل البوادي، (١) كما:-

١٩٩٨٥ - حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم من أهل القرى) ، لأنهم كانوا أعلم وأحلم من أهل العَمُود (٢) .

* * *

وقوله: (أفلم يسيروا في الأرض) ، يقول تعالى ذكره: أفلم يسر هؤلاء المشركون الذين يكذبونك، يا محمد، ويجحدون نبوّتك، وينكرون ما جئتهم به


(١) انظر تفسير" القرية" فيما سلف ٨: ٤٥٣ / ١٢: ٢٩٩.
(٢) قوله" أهل العمود"، العمود (بفتح العين) : وهو الخشبة القائمة في وسط الخباء، والأخبية بيوت أهل البادية، فقوله" أهل العمود"، يعني أهل البادية، كما يدل عليه السياق هنا، وكما بينه ابن زيد في تفسير هذه الآية إذ قال:" أهل القرى أعلم وأحلم من أهل البادية" (تفسير أبي حيان ٥: ٣٥٣) . وقال الزمخشري في الأساس" ويقال لأصحاب الأخبية: هم أهل عمود، وأهل عماد، وأهل عمد"، وروى صاحب اللسان بيتًا، وهو: ومَا أهْلُ العَمُود لنَا بأَهْلٍ ... ولاَ النَّعَمُ المُسَامُ لَنا بمَالٍ
فهذا قول رجل يبرأ من أن يكون من أهل البادية، فذكر الخصائص التي يألفها أهل البادية، ويكونون بها أهل بادية.

<<  <  ج: ص:  >  >>