(وأطعنا) مَن دعانا إلى ذلك. ولم يُعن ب (كَانَ) في هذا الموضع الخبر عن أمر قد مضى فيقضى، ولكنه تأنيب من الله الذي أنزلت هذه الآية بسببهم، وتأديب منه آخرين غيرهم. وقوله:(وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) يقول تعالى ذكره: والذين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم وبين خصومهم (أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا المفلحون يقول: هم المنجحون المدركون طِلباتهم، بفعلهم ذلك، المخلدون في جنات الله.
القول في تأويل قوله تعالى: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ (٥٢) }
يقول تعالى ذكره:(وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ) فيما أمره ونهاه، ويسلم لحكمهما له وعليه، ويخف عاقبة معصية الله ويحذره، ويتق عذاب الله بطاعته إياه في أمره ونهيه (فأولئك) يقول: فالذين يفعلون ذلك (هُمُ الْفَائِزُونَ) برضا الله عنهم يَوم القيامة، وأمنهم من عذابه.
القول في تأويل قوله تعالى: {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ قُلْ لا تُقْسِمُوا طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (٥٣) }
يقول تعالى ذكره وحلف هؤلاء المعرضون عن حكم الله وحكم رسوله، إذ دعوا إليه (بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ) يقول: أغلظ أيمانهم وأشدّها (لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ) يا محمد بالخروج إلى جهاد عدوك وعدو المؤمنين (لَيَخْرُجُنَّ قُلْ لا تُقْسِمُوا) لا تحلفوا، فإن هذه (طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ) منكم فيها التكذيب.
كما حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، عن مجاهد، قوله:(قُلْ لا تُقْسِمُوا طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ) قال: قد عرفت طاعتكم إلي أنكم تكذبون (إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) يقول: إن الله ذو خبرة بما تعملون من طاعتكم الله ورسوله، أو خلافكم أمرهما، أو غير ذلك من أموركم، لا يخفى عليه من ذلك شيء، وهو مجازيكم بكل ذلك.