لم أفعل ذلك استكبارا عليك، ولا لأني كنت من العالين، ولكني فعلته من أجل أني أشرف منه; وهذا تقريع من الله للمشركين الذين كفروا بمحمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وأبوا الانقياد له، واتباع ما جاءهم به من عند الله استكبارا عن أن يكونوا تبعا لرجل منهم حين قالُوا:(أَؤُنزلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنَا) و (هَلْ هَذَا إِلا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ) فقصّ عليهم تعالى قصة إبليس وإهلاكه باستكباره عن السجود لآدم بدعواه أنه خير منه، من أجل أنه خلق من نار، وخلق آدم من طين، حتى صار شيطانا رجيما، وحقت عليه من الله لعنته، محذّرهم بذلك أن يستحقوا باستكبارهم على محمد، وتكذيبهم إياه فيما جاءهم به من عند الله حسدا، وتعظما من اللعن والسخط ما استحقه إبليس بتكبره عن السجود لآدم.
يقول تعالى ذكره لإبليس:(فَاخْرُجْ مِنْهَا) يعني من الجنة (فَإِنَّكَ رَجِيمٌ) يقول: فإنك مرجوم بالقوم، مشتوم ملعون.
كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله (قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ) قال: والرجيم: اللعين.
حُدثت عن المحاربيّ، عن جُوَيبر، عن الضحاك بمثله.
وقوله (وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي) يقول: وإن لك طردي من الجنة (إِلَى يَوْمِ الدِّينِ) يعني: إلى يوم مجازاة العباد ومحاسبتهم (قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) يقول تعالى ذكره: قال إبليس لربه: ربّ فإذ لعنتني، وأخرجتني من جنتك (فَأَنْظِرْنِي) يقول: فأخرني في الأجل، ولا تهلكني (إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) يقول: إلى يوم تبعث خلقك من قبورهم.