القول في تأويل قوله تعالى: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلا تَحْوِيلا (٥٦) }
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل يا محمد لمشركي قومك الذين يعبدون من دون الله من خلقه، ادعوا أيها القوم الذين زعمتم أنهم أرباب وآلهة من دونه عند ضرّ ينزل بكم، فانظروا هل يقدرون على دفع ذلك عنكم، أو تحويله عنكم إلى غيركم، فتدعوهم آلهة، فإنهم لا يقدرون على ذلك، ولا يملكونه، وإنما يملكه ويقدر عليه خالقكم وخالقهم. وقيل: إن الذين أمر النبيّ صلى الله عليه وسلم أن يقول لهم هذا القول، كانوا يعبدون الملائكة وعزيرا والمسيح، وبعضهم كانوا يعبدون نفرا من الجنّ.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله (قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلا تَحْوِيلا) قال: كان أهل الشرك يقولون: نعبد الملائكة وعُزَيرا، وهم الذين يدعون، يعني الملائكة والمسيح وعُزيرا..
يقول تعالى ذكره: هؤلاء الذين يدعوهم هؤلاء المشركون أربابا (يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ) يقول:
يبتغي المدعوّون أربابا إلى ربهم القُربة والزُّلفة، لأنهم أهل إيمان به، والمشركون بالله يعبدونهم من دون الله (أَيُّهُمْ أَقْرَبُ) أيهم بصالح عمله واجتهاده في عبادته أقرب عنده زلفة (وَيَرْجُونَ) بأفعالهم تلك (رَحْمَتَه) ُ ويَخافُونَ أمره (عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ) يا محمد (كانَ مَحْذورًا) متقي.