عن مجاهد (وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ) قال: يعدلون بالله.
حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ، قال: ثنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضحاك يقول: في قوله (وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ) عدلوا إبليس بربهم، فإنهم بالله مشركون.
وقال آخرون: معنى ذلك: والذين هم به مشركون، أشركوا الشيطان في أعمالهم.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع (وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ) أشركوه في أعمالهم.
والقول الأوّل، أعني قول مجاهد، أولى القولين في ذلك بالصواب، وذلك أن الذين يتولون الشيطان إنما يشركونه بالله في عبادتهم وذبائحهم ومطاعمهم ومشاربهم، لا أنهم يشركون بالشيطان. ولو كان معنى الكلام ما قاله الربيع، لكان التنزيل: الذين هم مشركوه، ولم يكن في الكلام به، فكان يكون لو كان التنزيل كذلك، والذين هم مشركوه في أعمالهم، إلا أن يوجه موجه معنى الكلام، إلى أن القوم كانوا يدينون بألوهة الشيطان، ويشركون الله به في عبادتهم إياه، فيصحّ حينئذ معنى الكلام، ويخرج عما جاء التنزيل به في سائر القرآن، وذلك أن الله تعالى وصف المشركين في سائر سور القرآن أنهم أشركوا بالله، ما لم ينزل به عليهم سلطانا، وقال في كلّ موضع تقدّم إليهم بالزجر عن ذلك، لا تشركوا بالله شيئا، ولم نجد في شيء من التنزيل: لا تشركوا الله بشيء، ولا في شيء من القرآن. خبرا من الله عنهم أنهم أشركوا الله بشيء فيجوز لنا توجيه معنى قوله (وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ) إلى والذين هم بالشيطان مشركو الله. فبين إذًا إذ كان ذلك كذلك، أن الهاء في قوله (وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ) عائدة على الربّ في قوله (وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) .
القول في تأويل قوله تعالى: {وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنزلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ (١٠١) }