يا محمد من عملك ما أظهرته وأعلنته (وَمَا يَخْفَى) يقول: وما يخفى منه فلم تظهره مما كتمته، يقول: هو يعلم جميع أعمالك سرّها وعلانيتها؛ يقول: فاحذره أن يطلع عليك وأنت عامل في حال من أحوالك بغير الذي أذن لك به.
يقول تعالى ذكره: ونسهلك يا محمد لعمل الخير وهو اليُسرَى، واليُسرَى: هو الفُعلى من اليسر.
وقوله:(فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى) يقول تعالى ذكره: فذكِّر عباد الله يا محمد عظمته، وعِظْهم، وحذّرهم عقوبته (إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى) يقول: إن نفعت الذكرى الذين قد آيستُك من إيمانهم، فلا تنفعهم الذكرى. وقوله:(فَذَكِّرْ) أمر من الله لنبيه صلى الله عليه وسلم بتذكير جميع الناس، ثم قال: إن نفعت الذكرى هؤلاء الذين قد آيستك من إيمانهم.
وقوله:(سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى) يقول جلّ ثناؤه: سَيَذَّكَّرُ يا محمد إذا ذكرت الذين أمرتك بتذكيرهم من يخشى الله، ويخاف عقابه (وَيَتَجَنَّبُهَا) يقول: ويتجنَّب الذكرى (الأشْقَى) يعني: أشقى الفريقين (الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى) وهم الذين لم تنفعهم الذكرى.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله:(فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى) فاتقوا الله، ما خشي الله عبد قطّ إلا ذكره (وَيَتَجَنَّبُهَا الأشْقَى) فلا والله لا يتنكَّب عبد هذا الذكر زهدًا فيه وبُغضًا لأهله، إلا شَقِيٌّ بَيِّن الشقاء.
وقوله:(الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى) يقول: الذي يَرِد نار جهنم، وهي النار