والصواب من القول في ذلك إن كان الأمر على ما وصفنا أن يقال: إن الخفض في هذه الأحرف والرفع قراءتان مستفيضتان في قراءة الأمصار قد قرأ بهما علماء من القرّاء صحيحتا المعنى، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب.
يقول تبارك وتعالى (وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ) أيها الناس، وتعاقبهما عليكم، هذا بظلمته وسواده وهذا بنوره وضيائه (وَمَا أَنزلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ رِزْقٍ) وهو الغيث الذي به تخرج الأرض أرزاق العباد وأقواتهم، وإحيائه الأرض بعد موتها: يقول: فأنبت ما أنزل من السماء من الغيْث ميت الأرض، حتى اهتزّت بالنبات والزرع من بعد موتها، يعني: من بعد جدوبها وقحوطها ومصيرها دائرة لا نبت فيها ولا زرع.
وقوله (وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ) يقول: وفي تصريفه الرياح لكم شمالا مرّة، وجنوبا أخرى، وصبًّا أحيانا، ودبورا أخرى لمنافعكم.
وقد قيل: عنى بتصريفها بالرحمة مرّة، وبالعذاب أخرى.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله (وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ) قال: تصريفها إن شاء جعلها رحمة; وإن شاء جعلها عذابا.
وقوله (آيَاتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) يقول تعالى ذكره: في ذلك أدلة وحجج لله على خلقه، لقوم يعقلون عن الله حججه، ويفهمون عنه ما وعظهم به من