صدقوا الله ما وعدوه قبل نزول السورة بالقتال بقولهم: إذ قيل لهم: إن الله سيأمركم بالقتال طاعة، فَوَفَّوا له بذلك، لكان خيرا لهم في عاجل دنياهم، وآجل معادهم.
كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (فَإِذَا عَزَمَ الأمْرُ) يقول: طواعيه الله ورسوله، وقول معروف عند حقائق الأمور خير لهم.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن مَعمر، عن قتادة يقول: طاعة الله وقول بالمعروف عند حقائق الأمور خير لهم.
يقول تعالى ذكره لهؤلاء الذين وصف أنهم إذا نزلت سورة محكمة، وذُكر فيها القتال نظروا إلى رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم نظر المغشيّ عليه (فَهَلْ عَسَيْتُمْ) أيها القوم، يقول: فلعلكم إن توليتم عن تنزيل الله جلّ ثناؤه، وفارقتم أحكام كتابه، وأدبرتم عن محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وعما جاءكم به (أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأرْضِ) يقول: أن تعصوا الله في الأرض، فتكفروا به، وتسفكوا فيها الدماء (وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ) وتعودوا لما كنتم عليه في جاهليتكم من التشتت والتفرّق بعد ما قد جمعكم الله بالإسلام، وألَّف به بين قلوبكم.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ) ... الآية. يقول: فهل عسيتم كيف رأيتم القوم حين تولوا عن كتاب الله، ألم يسفكوا الدم الحرام، وقطَّعوا الأرحام، وعَصَوا الرحمن.