القول في تأويل قوله تعالى: {وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ (٨٠) وَآتَيْنَاهُمْ آيَاتِنَا فَكَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ (٨١) }
يقول تعالى ذكره: ولقد كذب سكان الحجر، وجعلوا لسكناهم فيها ومقامهم بها أصحابها، كما قال تعالى ذكره:(وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا) فجعلهم أصحابها لسُكناهم فيها ومقامهم بها. والحجر: مدينة ثمود.
وكان قتادة يقول في معنى الحجر، ما حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: أصحاب الحجر: قال: أصحاب الوادي.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني يونس، عن ابن شهاب، وهو يذكر الحِجْر مساكن ثمود قال: قال سالم بن عبد الله: إن عبد الله بن عمر قال:" مررنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على الحجر، فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تَدْخُلُوا مَسَاكِنَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ إِلا أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ حَذَرًا أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَهُمْ، ثم زجر فأسرع حتى خلفها) .
حدثنا زكريا بن يحيى بن أبان المصريّ، قال: ثنا أبو يوسف يعقوب بن إسحاق بن أبي عباد المكي، قال: ثنا داود بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن عثمان بن خثيم، عن ابن سابط، عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وهو بالحجر: "هَؤُلاءِ قَوْمُ صَالِحٍ أهْلَكَهُمُ اللَّهُ إلا رَجُلا كانَ فِي حَرَمِ الله مَنَعَهُ حَرَمُ اللَّهِ مَنْ عَذَابِ اللَّهِ، قيل: يا رسول الله من هو؟ قال: أبُو رِغالٍ".
وقوله (وَآتَيْنَاهُمْ آيَاتِنَا فَكَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ) يقول: وأريناهم أدلتنا وحججنا على حقيقة ما بعثنا به إليهم رسولنا صالحا، فكانوا عن آياتنا التي آتيناهموها معرضين لا يعتبرون بها ولا يتعظون.
القول في تأويل قوله تعالى: {وَكَانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا آمِنِينَ (٨٢)