للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القول في تأويل قوله: {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ وَكَانَ اللَّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا (١٣١) }

قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: ولله جميع مُلْك ما حوته السموات السبع والأرَضون السبع من الأشياء كلها. وإنما ذكر جل ثناؤه ذلك بعقب قوله:"وإن يتفرَّقا يغن الله كلا من سعته"، تنبيهًا منه خلقَه على موضع الرغبة عند فراق أحدهم زوجته، ليفزعوا إليه عند الجزع من الحاجة والفاقة والوَحْشة بفراق سَكنه وزوجته= وتذكيرًا منه له أنه الذي له الأشياء كلها، وأن من كان له ملك جميع الأشياء، فغير متعذّر عليه أن يغنيَه وكلَّ ذي فاقة وحاجة، ويؤنس كلَّ ذي وحشة.

* * *

ثم رجع جل ثناؤه إلى عذل من سعى في أمر بني أبيرق وتوبيخهم، ووعيدِ من فعل ما فعل المرتدّ منهم، فقال (١) "ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم"، يقول: ولقد أمرنا أهل الكتاب، وهم أهل التوراة والإنجيل="وإياكم"، يقول: وأمرناكم وقلنا لكم ولهم:"اتقوا الله"، يقول: احذروا الله أن تعصوه وتخالفوا أمره ونهيه (٢) ="وإن تكفروا"، يقول: وإن تجحدوا وصيته إياكم، أيها المؤمنون، فتخالفوها="فإنّ لله ما في السموات وما في الأرض"، يقول: فإنكم لا تضرُّون بخلافكم وصيته غير أنفسكم، ولا تَعْدُون في كفركم ذلك أن تكونوا أمثالَ اليهود والنصارى، في نزول عقوبته بكم، وحلول غضبه عليكم، كما حلَّ بهم إذ بدَّلوا عهده ونقضوا ميثاقه، فغيَّر بهم ما كانوا فيه من خَفض


(١) انظر تفسير الآيات السالفة، من الآية: ١٠٥ - ١١٦.
(٢) انظر تفسير"وصى" فيما سلف ٣: ٩٣-٩٦: ٤٠٥ / ٨: ٣٠، ٦٨ وانظر مقالته في"أن" مع"وصى" فيما سلف ٣: ٩٤، ٩٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>