قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: وقطعنا ببني إسرائيل البحر بعد الآيات التي أريناهموها، والعبر التي عاينوها على يدي نبيّ الله موسى، فلم تزجرهم تلك الآيات، ولم تعظهم تلك العبر والبينات! حتى قالوا = مع معاينتهم من الحجج ما يحق أن يذكُرَ معها البهائم، إذ مرُّوا على قوم يعكفون على أصنام لهم، يقول: يقومون على مُثُل لهم يعبدونها من دون الله (١) = "اجعل لنا" يا موسى "إلهًا"، يقول: مثالا نعبده وصنما نتخذُه إلهًا، كما لهؤلاء القوم أصنامٌ يعبدونها. ولا تنبغي العبادة لشيء سوى الله الواحد القهار. وقال موسى صلوات الله عليه: إنكم أيها القوم قوم تجهلون عظمة الله وواجبَ حقه عليكم، ولا تعلمون أنه لا تجوز العبادة لشيء سوى الله الذي له ملك السموات والأرض.
* * *
وذكر عن ابن جريج في ذلك ما: -
١٥٠٥٣ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج:(وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فأتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم) ، قال ابن جريج:"على أصنام لهم"، قال: تماثيل بقر. فلما كان عجل السامريّ شبِّه لهم أنه من تلك البقر، فذلك كان أوّل شأن العجل:(قالوا يا موسى اجعل لنا إلهًا كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون) ،
* * *
(١) انظر تفسير ((العكوف)) فيما سلف ٣: ٤١، ٥٣٩، ٥٤٠. و ((المثل)) (بضمتين) جمع ((مثال)) (بكسر الميم) ، وهو الصورة، مثل ((التمثال)) .