وخبر قومه في موضع آخر، فأخبر أنه لما نجاه مما حاول قومه من إحراقه قال (إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي) ففسر أهل التأويل ذلك أن معناه: إني مهاجر إلى أرض الشام، فكذلك قوله (إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي) لأنه كقوله (إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي) وقوله (سَيَهْدِينِ) يقول: سيثبتني على الهدى الذي أبصرته، ويعيننى عليه.
وقوله (رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ) وهذا مسألة إبراهيم ربه أن يرزقه ولدا صالحا; يقول: قال: يا رب هب لي منك ولدا يكون من الصالحين الذين يطيعونك، ولا يعصونك، ويصلحون في الأرض، ولا يفسدون.
كما حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط، عن السديّ، في قوله (رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ) قال: ولدا صالحا.
وقال: من الصالحين، ولم يَقُلْ: صالحا من الصالحين، اجتزاء بمن ذكر المتروك، كما قال عز وجل:(وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ) بمعنى زاهدين من الزاهدين.
يقول تعالى ذكره: فبشَّرنا إبراهيم بغلام حليم، يعني بغلام ذي حِلْم إذا هو كَبِر، فأما في طفولته في المهد، فلا يوصف بذلك. وذكر أن الغلام الذي بشر الله به إبراهيم إسحاق.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد بن حميد، قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا الحسين، عن يزيد، عن عكرمة:(فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ) قال: هو إسحاق.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلامٍ