للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله (فَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا) يقول تعالى ذكره: فأراد قوم إبراهيم كيدًا، وذلك ما كانوا أرادوا من إحراقه بالنار. يقول الله: (فَجَعَلْنَاهُمُ) أي فجعلنا قوم إبراهيم (الأسْفَلِينَ) يعني الأذلين حجة، وغَلَّبنا إبراهيم عليهم بالحجة، وأنقذناه مما أرادوا به من الكيد.

كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: (فَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الأسْفَلِينَ) قال: فما ناظرهم بعد ذلك حتى أهلكهم.

وقوله (وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ) يقول: وقال إبراهيم لما أفْلَجَه الله على قومه ونجاه من كيدهم: (إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي) يقول: إني مُهَاجِرٌ من بلدة قومي إلى الله: أي إلى الأرض المقدَّسة، ومفارقهم، فمعتزلهم لعبادة الله.

وكان قتادة يقول في ذلك ما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: (وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ) : ذاهب بعمله وقلبه ونيته.

وقال آخرون في ذلك: إنما قال إبراهيم (إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي) حين أرادوا أن يلقوه في النار.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا محمد بن المثني، قال: ثنا أبو داود، قال: ثنا شعبة، عن أبي إسحاق، قال: سمعت سليمان بن صُرَد يقول: لما أرادوا أن يُلْقوا إبراهيم في النار (قَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ) فجمع الحطب، فجاءت عجوز على ظهرها حطب، فقيل لها: أين تريدين؟ قالت: أريد أذهب إلى هذا الرجل الذي يُلْقَى في النار; فلما ألقي فيها، قال: حَسْبِيَ الله عليه توكلت، أو قال: حسبي الله ونعم الوكيل، قال: فقال الله: (يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ) قال: فقال ابن لُوط، أو ابن أخي لوط: إن النار لم تحرقه من أجلي، وكان بينهما قرابة، فأرسل الله عليه عُنُقا من النار فأحرقته.

وإنما اخترت القول الذي قلت في ذلك، لأن الله تبارك وتعالى ذكر خبره

<<  <  ج: ص:  >  >>