واختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء الكوفة (دَائِرَةُ السَّوْءِ) بفتح السين. وقرأ بعض قرّاء البصرة (دائِرَةُ السُّوءِ) بضم السين. وكان الفرّاء يقول: الفتح أفشى في السين; قال: وقلما تقول العرب دائرة السُّوء بضم السين، والفتح في السين أعجب إليّ من الضم، لأن العرب تقول: هو رجل سَوْء، بفتح السين; ولا تقول: هو رجل سُوء.
وقوله (وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ) يقول: ونالهم الله بغضب منه، ولعنهم: يقول: وأبعدهم فأقصاهم من رحمته (وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ) يقول: وأعدّ لهم جهنم يصلونها يوم القيامة (وَسَاءَتْ مَصِيرًا) يقول: وساءت جهنم منزلا يصير إليه هؤلاء المنافقون والمنافقات، والمشركون والمشركات.
وقوله (وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ) يقول جلّ ثناؤه: ولله جنود السماوات والأرض أنصارا على أعدائه، إن أمرهم بإهلاكهم أهلكوهم، وسارعوا إلى ذلك بالطاعة منهم له (وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا) يقول تعالى ذكره: ولم يزل الله ذا عزّة، لا يغلبه غالب، ولا يمتنع عليه مما أراده به ممتنع، لعظم سلطانه وقدرته، حكيم في تدبيره خلقه.
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم (إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ) يا محمد (شَاهِدًا) على أمتك بما أجابوك فيما دعوتهم إليه، مما أرسلتك به إليهم من الرسالة، ومبشرا لهم بالجنة إن أجابوك إلى ما دعوتهم إليه من الدين القيم، ونذيرا لهم عذاب الله إن هم تولَّوْا عما جئتهم به من عند ربك.
ثم اختلفت القرّاء في قراءة قوله (لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ) فقرأ جميع ذلك عامة قرّاء الأمصار خلا أبي جعفر المدني وأبي