يقول تعالى ذكره: أفمن حسَّن له الشيطان أعماله السيئة من معاصي الله والكفر به، وعبادة ما دونه من الآلهة والأوثان، فرآه حسنًا فحسب سيىء ذلك حسنًا، وظن أن قبحه جميل، لتزيين الشيطان ذلك له. ذهبت نفسك عليهم حسرات، وحذف من الكلام: ذهبت نفسك عليهم حسرات اكتفاء بدلالة قوله (فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ) منه، وقوله (فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ) يقول: فإن الله يخذل من يشاء عن الإيمان به واتباعك وتصديقك، فيضله عن الرشاد إلى الحق في ذلك، ويهدي من يشاء، يقول: ويوفق من يشاء للإيمان به واتباعك والقبول منك، فتهديه إلى سبيل الرشاد (فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ) يقول: فلا تهلك نفسك حزنًا على ضلالتهم وكفرهم بالله وتكذيبهم لك.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ) قال قتادة والحسن: الشيطان زيَّن لهم (فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ) أي: لا يحزنك ذلك عليهم؛ فإن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء.
حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قول الله (فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ) قال: الحسرات الحزن، وقرأ قول الله (يَاحَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ) ووقع قوله (فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ