كما أنه لم يختم الآية التي ذكر فيها الفيء إلى طاعته = في مراجعة المولي زوجته التي آلى منها، وأداء حقها إليها = بذكر الخبر عن أنه"شديد العقاب"، إذْ لم يكن موضعَ وعيد على معصية، ولكنه ختم ذلك بذكر الخبر عن وصفه نفسه تعالى ذكره بأنه"غفور رحيم"، إذْ كان موضعَ وَعد المنيب على إنابته إلى طاعته، فكذلك ختم الآية التي فيها ذكر القول، والكلام بصفة نفسه بأنه للكلام"سميع" وبالفعل"عليم"، فقال تعالى ذكره: وإن عزم المؤلون على نسائهم على طلاق من آلوا منه من نسائهم="فإن الله سميع" لطلاقهم إيّاهن إن طلقوهن="عليم" بما أتوا إليهنّ، مما يحل لهم، ويحرُم عليهم. (١) .
وقد استقصينا البيان عن الدلالة على صحة هذا القول في كتابنا (كتاب اللطيف من البيان عن أحكام شرائع الدين) ، فكرهنا إعادته في هذا الموضع.
* * *
القول في تأويل قوله تعالى:{وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ}
قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره:"والمطلقات" اللواتي طُلِّقن بعد ابتناء أزواجهن بهنّ، وإفضائهم إليهن، إذا كن ذوات حيض وطهر-"يتربصن بأنفسهن" عن نكاح الأزواج ="ثلاثةَ قُرُوْءٍ".
* * *
واختلف أهل التأويل في تأويل"القرء" الذي عناه الله بقوله:" يتربَّصن بأنفسهن ثلاثة قروء"
(١) هذا فقه أبي جعفر لمعاني كتاب ربه، وتجويده لدلائل البلاغة والبيان في كتاب لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، فيه البرهان لمن طلب الحق من وجوهه بالورع والصبر والبصر ومعرفة ما توجبه الألفاظ من المعاني.