للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القول في تأويل قوله تعالى: {وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قَالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ (٣٨) فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ}

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ويصنع نوح السفينة، وكلما مرّ عليه جماعة من كبراء قومه (١) = (سخروا منه) ، يقول: هزئوا من نوح، ويقولون له: أتحوّلت نجارًا بعد النبوّة، وتعمل السفينة في البر؟ = فيقول لهم نوح: (إن تسخروا منا) ، إن تهزءوا منا اليوم، فإنا نهزأ منكم في الآخرة، كما تهزءون منا في الدنيا (٢) = (فسوف تعلمون) ، إذا عاينتم عذابَ الله، مَن الذي كان إلى نفسه مُسِيئًا منَّا.

* * *

وكانت صنعة نوح السفينة، كما:-

١٨١٣٣- حدثني المثنى وصالح بن مسمار قالا حدثنا ابن أبي مريم قال، أخبرنا موسى بن يعقوب قال، حدثني فائد مولى عبيد الله بن علي بن أبي رافع: أنّ إبراهيم بن عبد الرحمن بن أبي ربيعة، أخبره: أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لو رحم الله أحدًا من قوم نوح لرحم أم الصبي! قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كان نوح مكث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً يدعوهم إلى الله، حتى كان آخر زمانه غَرس شجرةً، فعظمت وذهبت كلَّ مذهب، ثم قطعها، ثم جعل يعمل سفينة، ويمرُّون فيسألونه، فيقول: أعملها سفينة! فيسخرون منه ويقولون: تعمل سفينةً في البر فكيف تجري! فيقول: سوف تعلمون. فلما فرغ منها،


(١) انظر تفسير " الملأ " فيما سلف ص: ٢٩٥، تعليق: ١، والمراجع هناك.
(٢) انظر تفسير " سخر " فيما سلف ١٤: ٣٨٢، تعليق: ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>