للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القول في تأويل قوله: {وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٨٩) }

قال أبو جعفر: وهذا تكذيب من الله جل ثناؤه الذين قالوا:"إن الله فقير ونحن أغنياء". يقول تعالى ذكره، مكذبا لهم: لله ملك جميع ما حوته السموات والأرض. فكيف يكون أيها المفترون على الله، من كان ملك ذلك له فقيرًا؟

ثم أخبر جل ثناؤه أنه القادر على تعجيل العقوبة لقائلي ذلك، ولكل مكذب به ومفتر عليه، وعلى غير ذلك مما أراد وأحب، ولكنه تفضل بحلمه على خلقه= فقال:"والله على كل شيء قدير"، يعني: من إهلاك قائلي ذلك، وتعجيل عقوبته لهم، وغير ذلك من الأمور.

* * *

القول في تأويل قوله: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأولِي الألْبَابِ (١٩٠) }

قال أبو جعفر: وهذا احتجاج من الله تعالى ذكره على قائل ذلك، وعلى سائر خلقه، بأنه المدبر المصرّف الأشياء والمسخِّر ما أحب، وأن الإغناء والإفقار إليه وبيده، فقال جل ثناؤه: تدبروا أيها الناس واعتبروا، ففيما أنشأته فخلقته من السموات والأرض لمعاشكم وأقواتكم وأرزاقكم، وفيما عقَّبت بينه من الليل والنهار فجعلتهما يختلفان ويعتقبان عليكم، (١) تتصرفون في هذا لمعاشكم، وتسكنون في


(١) عاقب بين الشيئين: راوح بينهما، لهذا مرة ولذاك مرة. واستعمل الطبري"عقب" مشددة القاف، بنفس المعنى، كما يقال: "ضاعف وضعف"، و"عاقد وعقد". و"اعتقب الليل والنهار" جاء هذا بعد هذا، دواليك.

<<  <  ج: ص:  >  >>