لا يغفر الشرك إلا بعد توبة بقوله:(إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا) . فأما ما عداه فإن صاحبه في مشيئة ربه، إن شاء تفضل عليه، فعفا له عنه، وإن شاء عدل عليه فجازاه به.
وأما قوله:(لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ) فإنه يعني: لا تيأسوا من رحمة الله. كذلك حدثني محمد بن سعد قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس.
وقد ذكرنا ما في ذلك من الروايات قبل فيما مضى وبيَّنا معناه.
وقوله:(إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا) يقول: إن الله يستر على الذنوب كلها بعفوه عن أهلها وتركه عقوبتهم عليها إذا تابوا منها (إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) بهم، أن يعاقبهم عليها بعد توبتهم منها.
القول في تأويل قوله تعالى: {وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ (٥٤) وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ (٥٥) }
يقول تعالى ذكره: وأقبلوا أيها الناس إلى ربكم بالتوبة، وارجعوا إليه بالطاعة له، واستجيبوا له إلى ما دعاكم إليه من توحيده، وإفراد الألوهة له، وإخلاص العبادة له.
كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله:(وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ) : أي أقبلوا إلى ربكم.
حدثنا محمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السديّ (وَأَنِيبُوا) قال: أجيبوا.