للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بأهلها. فلا خِلالُ بعضهم بعضًا نَفعهم عند ورُودهم على ربهم، (١)

ولا عبادتُهم أندادهم ولا طاعتهم شياطينهم؛ ولا دافعت عنهم أرحامٌ فنصرتهم من انتقام الله منهم، ولا أغنت عنهم أعمالهم، بل صارت عليهم حسرات. فكل أسباب الكفار منقطعة.

فلا مَعْنِىَّ أبلغُ -في تأويل قوله:"وتقطعت بهم الأسباب"- من صفة الله [ذلك] وذلك ما بيَّنا من [تقطّع] جَميع أسبابهم دون بَعضها، (٢) على ما قلنا في ذلك. ومن ادعى أن المعنيَّ بذلك خاص من الأسباب، سُئل عن البيان على دعواه من أصلٍ لا منازع فيه، وعورض بقول مخالفه فيه. فلن يقول في شيء من ذلك قولا إلا ألزم في الآخر مثله.

* * *

القول في تأويل قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا}

قال أبو جعفر: يعني بقوله تعالى ذكره:"وقَال الذين اتَّبعوا"، وقال أتباع الرجال -الذين كانوا اتخذوهم أندادًا من دون الله يطيعونهم في معصية الله، ويَعصُون ربَّهم في طاعتهم، إذ يرون عَذابَ الله في الآخرة-:"لو أن لنا كرة".

* * *

يعني"بالكرة"، الرجعةَ إلى الدنيا، من قول القائل:"كررَت على القوم أكُرَّ كرًّا"، و"الكرَّة" المرة الواحدة، وذلك إذا حمل عليهم راجعًا عليهم بعد الانصراف عنهم، كما قال الأخطل:


(١) في المطبوعة: "ينفعهم"، والصواب ما أثبت، فالأفعال قبله وبعده كلها ماضية. والخلال مصدر خاله (بشديد اللام) يخاله مخالة وخلالا: وهي الصداقة والمودة، يقول امرؤ القيس: صَرَفتُ الهَوَى عَنْهُنَّ مِنْ خَشْيَةِ الرَّدَى ... فَلَسْتُ بِمَقْلِيِّ الخِلالِ وَلاَ قَالي
(٢) الزيادة التي بين الأقواس، لا بد منها حتى يستقم صدر الكلام وآخره، في الجملة التالية. ويعني بقوله"صفة الله": ما وصف الله سبحانه من تقطع أسباب الكافرين يوم القيامة، كالذي عدده آنفًا في الفقرة السالفة.

<<  <  ج: ص:  >  >>