إِلا قَلِيلا) يقول: فتلك دور القوم الذين أهلكناهم بكفرهم بربهم، ومنازلهم لم تسكن من بعدهم إلا قليلا يقول: خربت من بعدهم، فلم يعمر منها إلا أقلها، وأكثرها خراب. ولفظ الكلام وإن كان خارجا على أن مساكنهم قد سُكِنت قليلا فإن معناه: فتلك مساكنهم لم تسكن من بعدهم إلا قليلا منها، كما يقال: قضيت حقك إلا قليلا منه.
وقوله:(وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ) يقول: ولم يكن لما خرّبنا من مساكنهم منهم وإرث، وعادت كما كانت قبل سُكناهم فيها، لا مالك لها إلا الله، الذي له ميراث السماوات والأرض.
يقول تعالى ذكره:(وَمَا كَانَ رَبُّكَ) يا محمد (مُهْلِكَ الْقُرَى) التي حوالي مكة في زمانك وعصرك (حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولا) يقول: حتى يبعث في مكة رسولا وهي أمّ القرى، يتلو عليهم آيات كتابنا، والرسول: محمد صلى الله عليه وسلم.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة (حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولا) وأمّ القرى مكة، وبعث الله إليهم رسولا محمدا صلى الله عليه وسلم.
وقوله:(وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ) يقول: ولم نكن لنهلك قرية وهي بالله مؤمنة إنما نهلكها بظلمها أنفسها بكفرها بالله، وإنما أهلكنا أهل مكة بكفرهم بربهم وظلم أنفسهم.
وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثنا أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله:(وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ) قال: الله لم يهلك قرية بإيمان، ولكنه يهلك القرى بظلم إذا ظلم أهلها، ولو كانت قرية آمنت لم يهلكوا