للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القول في تأويل قوله: {وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الأرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٦٣) }

قال أبو جعفر: يريد جل ثناؤه بقوله: (وألف بين قلوبهم) ، وجمع بين قلوب المؤمنين من الأوس والخزرج، بعد التفرق والتشتت، على دينه الحق، فصيَّرهم به جميعًا بعد أن كانوا أشتاتًا، وإخوانًا بعد أن كانوا أعداء.

وقوله: (لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم) ، يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: لو أنفقت، يا محمد، ما في الأرض جميعا من ذهب ووَرِق وعَرَض، ما جمعت أنت بين قلوبهم بحيْلك، (١) ولكن الله جمعها على الهدى فأتلفت واجتمعت، تقوية من الله لك وتأييدًا منه ومعونة على عدوك. يقول جل ثناؤه: والذي فعل ذلك وسبَّبه لك حتى صاروا لك أعوانًا وأنصارًا ويدًا واحدة على من بغاك سوءًا هو الذي إن رام عدوٌّ منك مرامًا يكفيك كيده وينصرك عليه، فثق به وامض لأمره، وتوكل عليه.

* * *

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

١٦٢٥٦- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: (وألف بين قلوبهم) ، قال: هؤلاء الأنصار، ألف بين قلوبهم من بعد حرب، فيما كان بينهم. (٢)


(١) " الحيل " (بفتح فسكون) ، القوة، مثل " الحول "، يقال: " إنه لشديد الحيل "، وفي الحديث: " اللهم ذا الحيل الشديد ". وهو لا يزال يستعمل كذلك في عامية مصر.
(٢) ما بين " من بعد حرب " و " فيما كان بينهم "، بياض في المخطوطة، فيه معقوفة بالحمرة، لا أدري أهو بياض تركه لسقط، أم هو سهو من الناسخ ملأه بالحمرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>