عنهم أسوأ الذي عملوا في الدنيا من الأعمال، فيما بينهم وبين ربهم، بما كان منهم فيها من توبة وإنابة مما اجترحوا من السيئات فيها (وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ) يقول: ويثيبهم ثوابهم (بِأَحْسَنِ الَّذِي كَانُوا) في الدنيا (يَعْمَلُونَ) مما يرضى الله عنهم دون أسوئها.
كما يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد: (وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ) : أي (١) ولهم ذنوب، أي رب نعم (لَهُمْ) فيها (مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ) ، وقرأ:(إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ) ... إلى أن بلغ (وَمَغْفِرَةٌ) لئلا ييأس من لهم الذنوب أن لا يكونوا منهم (وَرِزْقٌ كَرِيمٌ)[الأنفال: ٤] ، وقرأ:(إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ) ... إلى آخر الآية.
اختلفت القرّاء في قراءة:(أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ) فقرأ ذلك بعض قرّاء المدينة وعامة قرّاء أهل الكوفة:"أليس الله بكاف عباده"على الجماع، بمعنى: أليس الله بكاف محمدا وأنبياءه من قبله ما خوّفتهم أممهم من أن تنالهم آلهتهم بسوء، وقرأ ذلك عامة قرّاء المدينة والبصرة، وبعض قرّاء الكوفة:(بِكَافٍ عَبْدَهُ) على التوحيد، بمعنى: أليس الله بكاف عبده محمدا.
والصواب من القول في ذلك أنهما قراءتان مشهورتان في قراءة الأمصار.
(١) في الأصل: ألهم ذنوب، وهو استفهام لا معنى له في هذا المقام، وقد أصلحناه على هذا النحو، ليتفق مع ما تضمنه الحديث.