للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كان ضعيفًا"، يعني بكيده: ما كاد به المؤمنين، (١) من تحزيبه أولياءه من الكفار بالله على رسوله وأوليائه أهل الإيمان به. يقول: فلا تهابوا أولياء الشيطان، فإنما هم حزبه وأنصاره، وحزب الشيطان أهل وَهَن وضعف.

* * *

وإنما وصفهم جل ثناؤه بالضعف، لأنهم لا يقاتلون رجاء ثواب، ولا يتركون القتال خوف عقاب، وإنما يقاتلون حميّة أو حسدًا للمؤمنين على ما آتاهم الله من فضله. والمؤمنون يقاتل مَن قاتل منهم رجاء العظيم من ثواب الله، ويترك القتال إن تركه على خوف من وعيد الله في تركه، فهو يقاتل على بصيرة بما له عند الله إن قتل، وبما لَه من الغنيمة والظفر إن سلم. والكافر يقاتل على حذر من القتل، وإياس من معاد، فهو ذو ضعف وخوف.

* * *

القول في تأويل قوله: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ}

قال أبو جعفر: ذكر أن هذه الآية نزلت في قوم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا قد آمنوا به وصدقوه قبل أن يفرض عليهم الجهاد، وقد فرض عليهم الصلاة والزكاة، وكانوا يسألون الله أن يُفرض عليهم القتال، فلما فرض عليهم القتال شقّ عليهم ذلك، وقالوا ما أخبر الله عنهم في كتابه.

* * *


(١) انظر تفسير"الكيد" فيما سلف ٧: ١٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>